اعلى الرغم من ان احدا لم يرد على موضوعى الاول الا انى سوف اقوم بطرح الموضوع الثانى
شرقت شمس ذلك اليوم من ايام يناير ....قارصة البرودة على تلك الضاحية القابعة داخل الاراضى الفلسطينية ......
تسللت اشعة الشمس فى خفوت من خلال الشيش المكسور الى داخل احد المنازل لتسقط على وجه ( كفاح) لتتسبب فى ايقاظها ......
استيقظت (كفاح) من نومها بصعوبة وكم تمنت لو انها اكملته ولكن............. يجب عليها ان تستيقظ مبكرا لتلحق بعملها والذى يتوجب عليها من اجل ان تصل اليه ان تعبر احدى الحواجز الامنية الصهيونية والذى تقف امامه لساعات لكى تعبر على الرغم من انها امرأة .....
اعتادت (كفاح) ان تخرج كل يوم فى السابعة صباحا على الرغم من موعد العمل فى الحادية عشرة صباحا ولكن وقوفها فى هذا الحاجز كان يبرر خروجها قبل موعد العمل بساعات ........
خرجت (كفاح)من منزلها ....توجهت الى موقف سيارات الاجرة ..... استقلت احدى السيارات ..... وانطلقت رحلتها
وفى السيارة..... غرقت كفاح فى بحر همومها ..... تذكرت زوجها وتنبيه لها بأنها فى الشهر التاسع وقد قاربت على الوضع كما تذكرت نصيحته لها بأن تجلس تلك الفترة فى البيت لتستريح من عناء السفر وحتى لايؤثر ذلك على حملها .....لكنها كانت تعارضه .... فمن اين لها بمصاريف الطبيب الذى سوف يشرف على عملية الولادة ومن اين لها بمصاريف الاولاد (نضال ) و( جهاد)بعدما اجبرت ظروف الاحتلال زوجها على الجلوس فى المنزل بلا عمل ......
اقتربت السيارة فى تلك اللحظة من ذلك الحاجز الامنى وتوقف على بعد كبير منها حيث كانت هناك عشرات السيارات التى تنتظر دورها فى التفتيش ...........
تنبهت (كفاح)فى تلك اللحظة الى وقوف السيارة فمدت بصرها الى الامام لتر الحاجز الامنى الذى وقف امامه 5 من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح وقد انهمك اثنان منهم فى تفتيش المسافرين
عادت (كفاح)تسبح مرة اخرى فى بحر ذكرياتها لعلها تجد فيه سلوى لالامها...... استرجعت صورة (جهاد) تلك الصغيرة التى لم تتجاوز الثلاث اعوام ... تذكرت ابتساماتها وضحكاتها ولعبها البرئ...... تذكرت (نضال )ذو الستة اعوام ... تذكرت مساعدته لها فى اعمال المنزل وكأنه شاب ابن سته عشر عاما ...... وبينما هى تسبح فى ذكرياتها انتابها شعور غريب ..... شعور بانها لن ترى الطفلين مرة اخرى .....
وفجأة اخذ قلبها ينبض فى عنف ... واخذت انفاسها تضطرب .... صدرها يعلو ويهبط من فرط الانفعال فى تسارع مستمر ..... صعدت الدماء الحارة الى دماغها و..........................
وانطلقت صرخة مدوية من حنجرتها تشق جدران ذلك الحاجز الامنى ........ نظر اليها الناس فى استغراب لكنها لم تبالى لاستغرابهم وواصلت صراخها ......لقد جاءها المخاض.... جاءها على الحاجز الامنى! ......اسرع بعضهم الى الجنود يستعطفونهم ان يفتحوا الحاجز لكى تعبر السيدة .......لكن بلا جدوى استعطفوهم.... واستعطفوهم ...... لكن بلا جدوى
اضطرت بعض النسوة الى حملها الى مكان مجاور وحاولن معها .....حاولن.... وحاولن الى ان انطلقت صرخة مدوية اعقبتها شهقة مكتومة ...... كانت الصرخة للوليد الفلسطينى الجديد الذى جاء الى الحياة فى ظروف قاسية ... قاسية للغاية اما الشهقة المكتومة فكانت لكفاح
شخص بصر كفاح يتابع روحها التى فاضت الى بارئها ..... فى حين اخذت بعضهن فى تهدئة الصرخة ...... صرخة وليد
تمت
ديسمبر2009